بسم الله الرحمن الرحيم
ذات يوم مشرق جميل , في غابة فوركس الكثيفة و الممطرة , كان هذا اليوم استناء , حيث الشمس ساطعة , تدفئ الوجوه , و تنعش الروح بعد شتاء طويل.
في بيت وسط الغابة , كانت تسكن "نور العين" مع والدتها , كانتا وحيدتين , الاب مسافر في منحة جامعية للتدريس باحد الجامعات الاقليمية .
كانت "نور العين " دائمة الاشتياق لابيها , مما جعلها صعبة المراص عنيدة , تاخد كل كلمة من امها تحد لها , و تحاول دائما التمرد , لكن امها كانت صبورة حليمة , تحسن و تقدر مشاعر "نور العين" و مدى اشتياقها لابيها , بل في بعض الاحيان ترى نفسها مكان ابنتها , ذلك الصراخ و تلك النرفزات كانها تعبر عنها , عن أم تعبر الفراق و مشاق المسؤولية المبكرة , فما كانت تحلم بهذه العيشة مع انها راضية و صابرة ..
و على بعد اميال من البيت كانت تعيش الجدة "مغرورة بس معذورة" , فوق تلة , تطل على البيت و ماجاوره من بيوت صغيرة , و جداول , و اشجار كثيفة , الا انها هذه الايام تعاني من نزلة برد قوية , و بما ان الجو مناسب قررت الام بعث ابنتها مع بعض من الحساء للجدة المريضة.
-نور حبيبتي تعالي خدي لجدتك شوية شوربة ...كتير تعباني و بدها اللي يكون حدى..
-اييه علينا ماحدى يادر يتهنا بهالبيت ...كل مرة ..نور.. نور ...نور ..يالله صبرني على هالعيشة.. لو كان ابي هون ...كنا خرجنا بشي سيران فهالجو الحلو ...مو محبوسين بهالاربع حيطان...
-خلصتي حكي.. جدتك مرضة و لازمها رعاية ..و انا باعرفك اديش بتحبيها ... خديلها هالشوربة و تسلي معها شوي..و ف طريقك مري ع البلدة و اشتريلك كم غرض ...يس ماتحكي مع حدى بنوب ...الا اللي تعرفيه .. انا باعرفك عاقلة .ماشي..
- ماشي ماشي هاتي - تاخد الحساء و تلبس معطفها الاحمر المخملي و تتجه نحو الغابة ..
تمشي بكل فرح و سرور كانها سجين افرج عنه ...تقطف الازهار ..و تصنع التيجان ..و تلعب مع الفراشات..
تغني و تزقزق مع الطيور..
لكن بين الاشجار و في مكان قريب ...كان هناك ذئب كبير هزيل لم ياكل منذ ايام ... اشتم رائحة الطعام فتبع الرائحة , فاذا به يلتقي نور..
-ايه منو انت ؟
- ها ... ايييي ... انا انا - كان شكله غريب و عينه لم راشقة في السلة كانها سهم يخترقه
-اييه عمو .. هون ...- تشير الى وجهها - شوباك ..مين انتا ؟
انتفض الذئب و خطرت بباله فكرة جهنمية.
-اهلين بالحلوة ... ياقمر ...يارض صوني ماعليكي .. حمرة ياقوطة..
-مرسي عمو و الله كلك زوق ... قليل بها الدنيي الناس اللي بتفهم مثلك..
-اكيد ياحلوة بفهم ..و ارجوكي ماتناديليش عمو ..قوليلي احمد يحي او ..
-شو ها الاسم الطويل و العبيط
احمد كانه اخد صفعة قوية على خده ...لم يتحمل اهانة نور لاسمه الدي طالم افتخر به و اعتز باصله
-ماعلينا ..نعالج المودوع داه بعدين ... قوليلي ياحلوة ..انتي رايحة فين ؟
-انا راحت عند جدتي ..تعبانا كتير و اخدتلها هالشوربة بالخضرة و الدجاح ..
-أأأأأأأأأأه شامم الريحة ياختي... بقلك ايه ياقوطة ياحمرة ياقطقوطة..هي ساكنة فين جدتك الجميلة
-ساكنة في التلة اللي هناك ..وراك على طول..
-ايه داه ..دي بعيدة اويي ..انا ممكن اوريكي طريق ابسط من كدة و اقرب
-بجد ..فين
-هترويحي كده على طول و تمري من الطريق اللي تبان ليك ..اول طريق ركزي معايا..و تلف على ايدك اليمين ..و بعدين ع الشمال ..و بعدين تروحي ماشيا على طول على طول لحد ماتلاقي التلة و تطلعة تلاقي نفسك يا قوطة قدام البيت على طول..
-مرسي ياعموووو كلك ذوق و الله =)
-على ايه ياحبيبتي ..دي ليلتنا بيضة و اشطة النهاردة..
ذهبت نور في ذالك الطريق , و ما ان تدارت عن الانظار ..حتي اخد الذئب بالجري و الرقص في الطريق..
-ايه النهار الفلالي داه ... امي دعيلي النهاردة و ى ايه .. انا اكل الجدة الاول و اتبعها بالبنت و احلي بالشوربة ..هاهاهاهاهاهاهاهه يابركة دعاكي ياما ... احمد اخيرة هياكل ...
ذهب الدئب يهلل و يفرح متجها نحو الجدة , و كله آمال و نشوة النجاح و الصيد الغنيم